کد مطلب:167973 شنبه 1 فروردين 1394 آمار بازدید:219

بستان بنی عامر
بستان بنی عامر (أو ابن عامر) [1] .

روی أنّ الشاعر الفرزدق [2] كان قد لقی الامام الحسین علیه السلام قبل خروج الركب


الحسینی من الحرم إلی أرض الحلّ، فقد ورد عن لسان الفرزدق أنه قال: (حججتُ بأمّی فی سنة ستین، فبینا أنا أسوق بعیرها حین دخلت الحرم إذ لقیتُ الحسین بن علیّ (ع) خارجاً من مكّة مع أسیافه وأتراسه فقلتُ: لمن هذا القطار؟

فقیل: للحسین بن علیّ (ع).

فأتیته فسلّمت علیه وقلت له: أعطاك اللّه سؤلك، وأمّلك فیما تحبُّ، بأبی أنت وأمّی یا ابن رسول اللّه، ما أعجلك عن الحجّ!؟

فقال: لولم أعجل لاُخذتُ! [3] .

ثم قال لی: من أنت؟

قلتُ: امرؤمن العرب!

فلاواللّه ما فتّشنی عن أكثر من ذلك..


ثم قال لی: أخبرنی عن الناس خلفك؟

فقلتُ: الخبیرَ سألتَ، قلوب الناس معك وأسیافهم علیك [4] والقضاء ینزل من السماء، واللّه یفعل ما یشاء!

فقال: صدقت، للّه الامر، وكلّ یوم هو فی شأن! إن ینزل القضاء بما نحبّ ونرضی فنحمد اللّه علی نعمائه وهو المستعان علی أداء الشكر، وإن حال القضاء دون الرجاء فلم یبعد من كان الحقّ نیّته والتقوی سریرته.

فقلت له: أجل، بلّغك اللّه ما تحبّ، وكفاك ماتحذر.

وسألته عن أشیاء من نذور ومناسك، فأخبرنی بها، وحرّك راحلته، وقال: السلام علیك. ثمّ افترقنا!). [5] .

ویبدو أنّ مكان هذا اللقاء هو بستان بنی عامر الذی ذكره سبط ابن الجوزی فی نقله خبر لقاء الفرزدق مع الامام علیه السلام حیث قال: (فلمّا وصل بستان بنی عامر


لقی الفرزدق الشاعر، وكان یوم الترویة، فقال له: إلی أین یا ابن رسول اللّه، ما أعجلك عن الموسم!؟

قال: لولم أعجل لاُخذتُ أخذاً! فأخبرنی یا فرزدق عمّا ورائك؟

فقال: تركتُ الناس بالعراق قلوبهم معك وسیوفهم مع بنی أمیّة، فاتّقِ اللّه فی نفسك وارجع! [6] .

فقال له: یا فرزدق، إنّ هؤلاء قوم لزموا طاعة الشیطان، وتركوا طاعة الرحمن، وأظهروا الفساد فی الارض، وأبطلوا الحدود، وشربوا الخمور، واستأثروا فی أموال الفقراء والمساكین، وأنا أولی من قام بنصرة دین اللّه وإعزاز شرعه والجهاد فی سبیله لتكون كلمة اللّه هی العلیا.

فأعرض عنه الفرزدق وسار!). [7] [8] .

ف‍ (بستان ابن عامر هو أوّل منزل مرَّ به الحسین علیه السلام). [9] .





[1] ذكر ياقوت الحموي أنّ الناس غلطوا فقالوا بستان ابن عامر وبستان بني عامر، وإنّما هو بستان ابن معمر.. وهو مجتمع النخلتين النخلة اليمانية والنخلة الشامية، وهما واديان، وبستان ابن معمر هو الذي يُعرف ببطن نخلة.. (راجع: معجم البلدان، 1:414).

[2] هو أبوفراس، همّام بن غالب التميمي الحنظلي، يُعدُّ في الاصطلاح الرجالي من أصحاب أميرالمؤمنين والحسين والسجّاد8، وهو مادح مولانا السجّادعليه السلام بقصيدة جليلة كريمة مشهورة، في موقف شجاع قبال الطاغية الامويّ هشام بن عبدالملك، تكشف أبياتها عن حسن عقيدته بأهل البيت: وعن حبّه لهم، ومن أبياتها:



هذا الذي تعرف البطحاء وطاءته

والبيت يعرفه والحلّ والحرمُ



هذا ابن خير عبادِ اللّه كلّهم

هذا التقيُّ النقيّ الطاهر العلم



إذا رأته قريشٌ قال قائلها

إلي مكارم هذا ينتهي الكرمُ



هذا ابن فاطمة إن كنتَ جاهله

بجدّه أنبياءُ اللّه قد ختموا



(راجع: معجم رجال الحديث، 13:256، رقم 9315 / ومستدركات علم رجال الحديث، 6:196، رقم 11517).

وقد (وُلِدَ الفرزدق في خلافة عمر، فتوبع بالشِعر لمّا ترعرع ففاق الاقران، وأدخله أبوه علي عليٍّ رضي اللّه عنه فقال: علّمه القرآن!.. مات سنة عشر ومائة وقد قارب المائة، وقيل: عاش مائة وثلاثين سنة، ولم يثبت.. وكان سيّداً جواداً فاضلاًٍ وجيهاً.) (راجع: لسان الميزان، 6:199).

[3] يشير الامام عليه السلام بذلك إلي خطّة يزيد لاختطافه أو اغتياله في مكة المكرّمة.

[4] قلوب الناس معك وأسيافهم عليك، أشهر تعبير معروف عن حالة الشلل النفسي وحالة إزدواج الشخصية في أهل الكوفة خاصة وفي الامّة عامة، بل هو تعبير عن الحالة القصوي لهذا المرض: أن يقتل الانسان من يحبّ بسيف من يكره!.

[5] الارشاد: 201 / ولنا هنا وقفة تساؤل وتأمّل مع هذا الشاعر الذي عبّر بصدق وجرأة وشجاعة عن حبّه لاهل البيت: وحسن عقيدته بهم في موقفه المشرّف بمدح السجّادعليه السلام أمام الطاغية الاموي هشام، وعبّر هنا في لقائه مع الامام الحسين عليه السلام عن وعيه السياسي والاجتماعي الرفيع بقوله (الخبير سألت، قلوب الناس معك واسيافهم عليك!)، لماذا ترك الامام عليه السلام وفارقه!؟ ألم يرتفع به وعيه الرفيع إلي إدراك ضرورة نصرة الامام عليه السلام والالتحاق بركبه نحو الفوز بالشهادة!؟ أم لم يكن يتوقّع في ذلك الوقت المبكّر أن يجري علي الامام الحسين عليه السلام ما جري عليه بالفعل!؟ أم أنّ كُلَّ ما عند الفرزدق تفضيل لاهل البيت: علي سواهم، وعاطفة نحوهم، ولكن دون مستوي التضحية والاستشهاد معهم وفي سبيلهم!؟.

[6] المعروف عن الفرزدق حبّه لاهل البيت: وحسن عقيدته بهم، من هنا يصعب علي المتأمّل القبول بإمكان إسأته الادب في مخاطبة الامام عليه السلام فيقول له: إتّقِ اللّه في نفسك وارجع!، أو يُعرض عن الامام عليه السلام فيسير عنه بدون تحيّة وتوديع!.

[7] المعروف عن الفرزدق حبّه لاهل البيت: وحسن عقيدته بهم، من هنا يصعب علي المتأمّل القبول بإمكان إسأته الادب في مخاطبة الامام عليه السلام فيقول له: إتّقِ اللّه في نفسك وارجع!، أو يُعرض عن الامام عليه السلام فيسير عنه بدون تحيّة وتوديع!.

[8] تذكرة الخواص: 217-218.

[9] خطب الامام الحسين عليه السلام علي طريق الشهادة، 1:132 / ونقل مؤلّفه لبيب بيضون قصيدة للخطيب السيد علي بن الحسين الهاشمي النجفي يذكر فيها منازل طريق الامام عليه السلام إلي كربلاء، أوّلها:



سار الحسين تاركاً أُمَّ القُري

ينحو العراق بميامين الوري



وقد أتي بسيره منازلاً

حصباؤها قد فاخرت شهب السما



فالمنزل الاوّل بستان ابن عا

مرٍ، وللتنعيم مسرعاً أتي.